تعاني الأمهات من مشاكل عديدة في أثناء تطبيق البرنامج الغذائي اليومي، ولعل أكثرها صعوبة وانتشاراً مشكلة امتناع الطفل عن عن الطعام،
ينذر رفض الطعام عند الأطفال الصغار بوجود مشاكل وأسباب لا تظهر مباشرة وإنما تختبئ وراء الامتناع عن تناول الوجبات الغذائية، ولذلك يجب البحث عن تلك الأسباب ومعالجتها، ومن أهمها:
إحساس الطفل بالضغط
إن طبيعة الأطفال التي لا تمكّنهم من التعبير عن مشاعرهم بصراحة ربما تدفعهم إلى رفض الطعام، فعلى سبيل المثال عندما تضغط الأم على طفلها كي يتناول كمية ووجبة غذائية معينة كالبازلاء أو البروكلي دون غيرها من خلال مراقبته وهو يأكل أو إجباره على تناول الطبق بأكمله أو إخباره عن العقوبة التي تنتظره في حال لم يتناول الطبق بشكل كامل.
نتيجة لذلك سيتولّد لدى الطفل شعور بالقلق وبالتالي سيتهرّب من الجلوس على المائدة وستتكوّن لديه ردة فعل يعبّر عنها برفض الطعام بشكل نهائي.
الإحساس باضطهاد آرائهم
يحب الأطفال عادة المشاركة مع الوالدين في إعداد المائدة سواء أكان ذلك من خلال التسوق أو التحضير أو الطهي أو تقديم الوجبات بأنفسهم. ولذلك عندما يُحرم الطفل من متعة المشاركة وإبداء الرأي في اختيار طبق اليوم لوجبة العشاء مثلاً ولا يكون له أي دور في تحضير مائدة الطعام فإن ذلك سيحدث مشكلةً وإحساساً بالاضطهاد عند الطفل يترجمه برفض المشاركة في تناول العشاء مع العائلة.
شعور الطفل بالملل
تقع معظم الأمهات في خطأ إعادة تحضير الأطباق ذاتها من دون إحداث أي تغيير أو ابتكار، فقد تقدّم وصفة التفاح بالقرفة لطفلها الصغير في مرحلة إدخال الأطعمة الصلبة إلى برنامجه الغذائي كل يوم أو عندما يصبح في المدرسة تختار له ساندوتش الجبن كوجبة إفطار يومية.
وبذلك ستصنع عملية التكرار حالة من الضجر عند الطفل وستجعل الطبق مملاً بالنسبة إليه وإن كان قد أحب مذاقه وطلبه في البداية فإن المبالغة في تقديمه ستؤدي إلى الامتناع عن تناوله.
عدم الإحساس بالجوع
يعدّ تحديد الأم لأوقات جوع طفلها أكثر التصرفات الخاطئة في مسيرة التغذية؛ لأن شهية الأطفال الصغار لا يمكن أن تكون متوقعة أو منتظمة، وعلاوة على ذلك فإن الشهية لدى الطفل ترتبط بالمرحلة العمرية التي يمرّ فيها وبحالته الصحية أيضاً، فعلى سبيل المثال الطفل الذي بلغ سن الثانية لا يأخذ كمية الطعام ذاتها التي كان يطلبها في عامه الأول، كما أنه إذا أُصيب بالزكام لن يطلب الطعام كثيراً.
تشتت الذهن
يجلب الأطفال في معظم الأحيان جهازهم اللوحي أو ألعابهم إلى مائدة الطعام، كما أنهم يشاهدون التلفاز في أثناء اﻷكل، وهنا تحدث المشكلة على شكل تشتت في الذهن؛ إذ يصبح تركيز الطفل متوجهاً إلى متابعة شخصيتهم الكرتونية المفضلة أو اللعب بالجهاز وفي الوقت ذاته يغيب الاهتمام بالغرض الأساسي من الجلوس على الطاولة وهو تناول الوجبة الغذائية.
الكميات الكبيرة
تختلف القدرة على تناول الحصص الغذائية اليومية بين طفل وآخر، فلا يمكن أن تنطبق الكميات ذاتها على جميع أطفالك، المهم في الأمر أن يأخذ الطفل القيم الغذائية اللازمة لنموه، فلا حاجة للمبالغة في تقديم الوجبات؛ لأن ذلك سيظهر نتائج غير مرضية وعكسية.
يمكن أن تلعب طريقة التعامل مع طفلك دوراً كبيراً في فتح شهيته وترغيبه بتناول الوجبات الغذائية، ولذلك إليك بعض النصائح التي تساعدك في تجاوز صعوبات تغذية الطفل:
تقاسم المسؤولية
عندما يبلغ الطفل مرحلة يصبح فيها قادراً على فهم وإدراك ما يجري يمكن أن تجلس الأم لتوزيع المهام فتكون مسؤولة عن تحديد نوعية الطعام وموعد الوجبات الغذائية ومكان تناولها. وفي المقابل يقرّر الطفل كمية الطعام التي سيأكلها وما إذا كان سيأكل من عدمه.
تقديم مجموعة متنوعة من الأطعمة المناسبة للعمر
إن اختيار قائمة طعام متنوعة تجمع بين الطعام الصحي والأطباق المفضلة لدى طفلك سيكون حلاً مثالياً للتخلص من مشكلة رفض الطعام، فعلى سبيل المثال يمكن وضع أطباق تحتوي على الخضار والفاكهة والبروتين والنشا لينتقي طفلك ما يحب منها.
الحد من المشروبات عالية السعرات الحرارية
إن الإكثار من شرب الحليب كامل الدسم أو العصير الطبيعي سيقلّل بالتأكيد من شهية الطفل وسيزيد الإحساس بالشبع نتيجة امتلاء المعدة بالسوائل، ولذلك من الجيد أن تحدد الأم كمية المشروبات المسموح بشربها خلال اليوم.
وضع جدول منظم للوجبات
يساعد وجود جدول محدد للوجبات الغذائية الأساسية (الفطور، الغداء، العشاء) وللوجبات الخفيفة على تنظيم عملية التغذية بالنسبة إلى الأم والطفل أيضاً وهذا ما يسهم في استقرار شهية الطفل إلى الطعام تدريجياً.
قد يمتنع طفلك عن تناول إحدى الوجبات ولكن لا بأس؛ لأن الوجبة التالية في الموعد المحدد ضمن الجدول يمكن أن تضاعفي كميتها وتدعميها بالعناصر الغذائية لتعويض الوجبة التي امتنع عن تناولها.
تقديم وجبات الطعام الممتعة
إن توفير مكان نظيف وإضاءة جيدة سيجعل من تناول الطعام أمراً مريحاً وممتعاً؛ إذ يجب الابتعاد عن الجدل والصراخ والنقاشات في أثناء الطعام واستبدالها بالأحاديث المسلية.
احترام ذوق طفلك في الأكل
إن تقديم وجبة الطعام بالشكل والطريقة التي يحبها طفلك ستحسن من تقبّله للوجبة، فعلى سبيل المثال قد يتقبل أن يأكل البروكلي ولكنه يرفض الساق، وقد يحب الفطائر ذات الشكل الدائري في حين يرفض الفطائر مربعة الشكل. وقد تتغير هذه المزاجية في عادات الأكل مع مرور الوقت ولذلك ليس من الضروري البحث عن طعام بديل.
عدم تقديم أطباق الحلوى باستمرار
لا شك أن طفلك يعشق تناول الحلويات بمختلف أشكالها وأنواعها، ولذلك يجب عدم تقديم ألواح الشوكولا مثلاً قبل الوجبة الغذائية الأساسية بفترة قصيرة أو الإكثار من تقديمها خلال اليوم؛ لأنها تسدّ شهيته.
كما يُحذّر من وضع الحلويات مع أطباق الغذاء على المائدة ذاتها؛ لأنه عندما تتوفر أطباق الحلوى أمام الطفل لن يتناول الوجبة الأساسية بالتأكيد. وبناء على ذلك ينصح خبراء التغذية بتقديم الحلوى بعد تناول الوجبة الصحية المغذية الأساسية.
حساء الطماطم
يميل الأطفال الصغار إلى تناول الطماطم للونها الأحمر الشهي وسهولة تناولها، ولكنهم على أية حال ينزعجون من الغطاء الخارجي ومن بذورها أيضاً، ولذلك يبدو من الأفضل أن يتم تحضيرها على طريقة الحساء للتخلص من التكتلات والبذور والحصول على نكهة لذيذة مليئة بفيتامين سي.
فاكهة الرمان
إن شراء كمية كبيرة من فاكهة الرمان سيكون فكرة رائعة لإرضاء طفلك الصغير؛ إذ يمكنك اختيار النوع الحلو كي ينال إعجابه.
القرنبيط
يبدو الاعتماد على خضار القرنبيط بالنسبة إلى الطفل صعب الإرضاء خياراً مثالياً وصحياً، كل ما عليك القيام به أن تقطعي القرنبيط إلى قطع صغيرة وتحاولي تزيينه بالجبن المبشور مع إضافة النكهات المفضلة لدى طفلك كالمعكرونة أو الطماطم.
الحمص
ولأن الحمص من البقوليات الغنية بالبروتينات فإن بإمكانه تعويض ما ينقص الطفل صعب الإرضاء من قيم غذائية وفي الوقت ذاته سيلقى ترحيباً منه بفضل شكله الصغير والمدور. ويمكن تقديمه مقرمشاً من خلال تحميصه بزيت الزيتون والملح والفلفل.
السمك
قد تعتقد أن اختيار السمك للطفل صعب الإرضاء لن يكون موفقاً ولكن على العكس لأنه سيلاقي الإعجاب والقبول. فقط يجب اختيار الصلصة المفضلة لطفلك.
الوجبات المقرمشة
يمكن أن تستخدم الأم لتحضير طبق صحي يدخل السعادة إلى قلب طفلها الفاصولياء الخضراء، فتضعها أولاً في وعاء مملوء بالدقيق والبيض وفتات الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، ثم تُقلى الفاصولياء بالزيت وتُخبز في الفرن لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة.
الزلابية النباتية
يمكنك صنع خدعة بسيطة ولذيذة لطفلك صعب الإرضاء، فمن خلال جيوب الزلابية ضعي الخضار بطريقة خفية وأغلقيها بطريقة محكمة.
الفلفل
إن إضافة شرائح الفلفل بكافة ألوانه الأحمر والأخضر والأصفر إلى الأطباق التي يرفضها طفلك عادة سيجعله لا يستطيع المقاومة وبالتالي سيتناول الطبق بشهية.
الأناناس
تبدو نكهة الأناناس رائعة مع أي سلطة فواكه يمكن تحضيرها بعد وجبة الغداء، وقد يعجب أيضاً طفلك بوصفة الزبادي بالأناناس التي يمكنك تحضيرها بـ 5 دقائق فقط من خلال هرس 1/3 كوب من الأناناس المفروم ثم وضعه في كوب من الزبادي الخالي من الدسم مع إضافة بعض قطع اﻷناناس الصغيرة.
الخيار
يعد تقديم الخيار بعد تخليله إلى جانب الأطباق الأساسية فرصة رائعة لتشجيع طفلك على تناول الغداء.
في مرحلة عمرية معينة تبدأ الملامح الشخصية للطفل بالتكون والظهور للمحيطين، فهو على أية حال يريد المزيد من الاستقلالية وقد تعلّم أن يقول كلمة لا لأوامر كثيرة ومنها وجبات الطعام التي لا تعجبه.
ولكن الأهم من ذلك كله أن تراقب العائلة هذه الحالة الانتقالية التي يمرّ بها الطفل وأن تتعرّف أيضاً على العلامات التي تصبح بعدها مسألة رفض الطعام من الطفل مشكلة خطيرة، ومن أهمها:
فإذا ظهرت العلامات السابقة على طفلك فمن الضروري زيارة طبيب الأطفال الذي سينصحك غالباً بزيارة اختصاصي تغذية أو معالج وظيفي لديه خبرة في التعامل مع مشاكل الأكل المعقد والطفل صعب الإرضاء.