هل مررت بتجربة قاسية تركت في روحك ندوباً وجروحاً لم تندمل بعد؟ هل سمعت باضطراب ما بعد الصدمة؟ لا بد أن قراءة هذه المقالة ستشبع فضولك للتعرف على كل ما يتعلق باضطراب ما بعد الصدمة.
هو اضطراب طارئ يصيب الإنسان نتيجة تعرضه لصدمة موجعة تثير في نفسه مشاعر الحزن والخوف والقلق إضافة إلى إحساس الضيق الذي لا يفارق المصاب لمدة زمنية طويلة.
أما عن نوعية الصدمة فهي إما أن تكون حدثاً يصيب الإنسان أو أن يكون مشهداً مؤلماً يصيب شخصاً عزيزاً.
تتميز نفس الطفل برقتها وصدقها ومشاعرها المرهفة فكيف لا تكون موطناً مناسباً لنشوء اضطراب كرب ما بعد الصدمة؟! فإذا ظهرت أحد الأعراض الآتية على طفلك فاعلم أنه من الضروري التوجه إلى الطبيب المختص لعلاجه من PTSD:
مرض الخوف من الابتعاد عن الوالدين.
اضطرابات في النوم مع رؤية الأحلام المزعجة.
السلوك العدواني.
فقدان المهارات التي اكتسبها سابقاً.
مشاكل النوم والكوابيس.
الخوف والقلق من أشكال خيالية كالوحوش مثلاً.
التعبير عن الصدمة وتجسيدها من خلال اللعب أو رسم القصة.
ظهور أوجاع وآلام في أنحاء متفرقة من الجسد مع غياب السبب الطبي.
من الطبيعي أن يواجه الإنسان في حياته أزمات ومواقف مزعجة تؤدي إلى تسارع ضربات قلبه وارتفاع ضغط دمه لتزول هذه الأعراض باختفاء السبب، ولكن ماذا عن الصدمات التي يبقى تأثيرها مستمراً حتى بعد انتهاء الموقف؟!
إن هذه النوعية من الصدمات ستكون السبب في الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة حيث يبقى الجهاز العصبي في حالة من التأهب وعدم التوازن مدة زمنية تتجاوز الحد الطبيعي الذي يتراوح بين أيام وأسابيع تلي الصدمة. ومن أمثلة الصدمات التي غالباً ما تكون وراء الإصابة بهذا النوع من الاضطرابات:
رؤية المشاهد الواقعية العنيفة للحروب.
التعرض لحوادث إجرامية كالسرقة أو الخطف.
الاعتداءات الجسدية والجنسية.
التعرض لحادث مروري عنيف.
الإصابة بأحد الأمراض الخطيرة كالسرطان.
خيبات الأمل في العلاقات العاطفية.
إن توقع الإصابة باضطراب كرب ما بعد الصدمة سيكون من الأمور الصعبة ولكن النظر إلى حياة الشخص والتجارب القاسية والمريرة التي خاضها بمكن أن تعطي صورة تنبؤية بما سيحدث، ومن أبرز عذه العوامل:
تجارب الإنسان الصادمة ولا سيما في مرحلة الطفولة المبكرة.
وجود إصابات في عائلة الإنسان أو حالات اكتئابية شديدة.
تعرض الإنسان لحالات اعتداء جنسي.
إدمان الإنسان على المخدرات.
إصابات سابقة بأمراض عقلية أو نفسية كالقلق والاكتئاب.
تنتمي معظم الأعراض التي تظهر على مريض اضطراب ما بعد الصدمة إلى الدائرة النفسية التي لا يقل خطرها عن الأعراض الجسدية، وتصنف هذه الأعراض ضمن المجالات الآتية:
تكرار التجربة وتكون من خلال التدكر في اليقظة؛ أي استرجاع جميع الأحداث والأصوات والكلمات والمتعلقة بالصدمة، فإذا كان الاضطراب قد حدث على سبيل المثال نتيجة حادث عنيف فقد فيه أحد أفراد العائلة فإن التذكر سيكون لجميع التفاصيل المتعلقة بهذا الحادث المروري، وقد تكون من خلال الكوابيس المزعجة.
وجود صعوبات في النوم ومساكل أرق والعيش لأيام من دون نوم.
التجنب والتخدير؛ أي الابتعاد عن جميع العوامل النفسية والحسية والزمانية والمعنوية التي من شأنها تذكير الإنسان بالصدمة.
المشاعر السلبية من اليأس والخيبة والحزن وحالات المزاج المتقلبة والتشاؤم وحب الوحدة والانعزال عن المجتمع.
ردود الفعل القوية ونوبات الغضب المتكررة والتصرفات العدوانية.
لا يمكن أن يكون للصدمة شكل واحد فالمواقف التي يتعرض لها الإنسان في الحياة متنوعة، وبناء على ذلك تتنوع أشكال اضطراب ما بعد الصدمة ومن أكثر أنواعها شهرة:
صدمة الحروب: وهي التي تصيب المقاتلين والعسكريين الذين شاركوا في الحروب والنزاعات، فتسبب المواقف التي تعرضوا لها اضطراب ما بعد الصدمة فيدخلون في حالة من الاكتئاب والحزن وتظهر عليهم أعراض الاضطراب بشدة.
الصدمة العاطفية النفسية: وهي التي تنشأ نتيجة العلاقات العاطفية الفاشلة، ولا تقتصر هذه الصدمات على ذلك بل إنها تشمل أيضاً صدمات الطفولة نتيجة مواقف الاعتداء أو مشاكل الوالدين أو التعرض للسخرية والذل.
الصدمة الجنسية أو الاغتصاب وتؤدي هذه الصدمة إلى نتائج سلبية كبيرة عندما يكون الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة؛ لأنه يشكل حالة من الرهاب والخوف والقلق المستمر إضافة إلى اضطراب ما بعد الصدمة.
الصدمة العرقية وتصيب هذه الصدمة الأشخاص الذي يمرون بتجارب تمييز عنصري وإساءة وظلم اجتماعي، فينتج عنها إحساس بالانعزال ووحدة واكتئاب وضعف الثقة بالنفس وجميع أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
إن جميع أنواع الاضطرابات النفسية ومن بينها اضطراب كرب ما بعد الصدمة يمكن للإنسان أن يتجاوزها ويتغلب على أضرارها وسلبياتها من خلال الإرادة والمعالجة الذاتية، ويتم ذلك من خلال اتّباع النصائح الآتية:
حاول أن تجعل تفكيرك إيجابياً من خلال اكتساب مهارات هذا التفكير وممارسة تمارين التأمل واليوغا.
ممارسة الرياضة في كل صباح يمكن أن يكون له تأثير في التخفيف من المشاعر السلبية.
التغلب على مشاعر الضعف والعجز الذي يسببه اضطراب ما بعد الصدمة.
محاولة تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف في حياتك وشخصيتك والعمل على تجاوز نقاط الضعف.
تعد المساهمة في الأعمال الخيرية طريقة ناجحة في سبيل التخفيف من اضطراب كرب ما بعد الصدمة حيث تزيد من إحساس الفرد بالقدرة على تحمل المسؤولية والاندماج بالمجتمع من جديد ومن أمثلة هذه الأعمال التبرع بالدم والمشاركة في جمعيات الرعاية بمرضى السرطان أو كبار السن.